أبداً لن ننسي دماء الشهيد، ولن ننسي كذلك أن قواتنا المسلحة الباسلة التي حققت النصر في 6 أكتوبر 1973 وحمت ثورتي 25 يناير 2011 و30 يونيو 2013 ، ستظل الدرع الواقية والحصن الحصين لمصر ولشعبها الصابر الصامد .هي إذن حرب معلنة تخوضها القوات المسلحة للقضاء علي الإرهاب في سيناء .
لقد أكدت الأحداث التاريخية أن ما يقرب من 90% من الغزوات التي تعرضت لها مصر كانت سيناء معبراً لها، لذا فإن عبرة الماضي وخبرة الحاضر ونظرة المستقبل وأمانة العمل من أجل الأجيال القادمة ، تستوجب تكثيف الجهود نحو المزيد من التعمير والتنمية علي امتداد أرض سيناء وفقا لإستراتيجية علمية سليمة، وفي إطار خطة شاملة تتوافر لها جميع الإمكانات.
ومازال مشروع التنمية في سيناء هو حلم المستقبل للأجيال القادمة، فقد تأخر تنفيذ المشروع القومي لتنمية سيناء والذي كان مقررا من عام 1994 وحتي عام 2017، بتكلفة استثمارية تبلغ نحو 75 مليار جنيه، وقد يرجع هذا التأخير لعدة أسباب، منها: حالة عدم الاستقرار في المنطقة، ودخول الدولة في مشروعات أخري، مما أسهم في تفتيت الجهود، ومنها أيضاً، غياب الإرادة الحقيقية لتنمية سيناء، ولو كان الأمر بيدي لطالبت بمعاقبة كل من قصر في هذه المهمة الوطنية ،التي تأخرت كثيراً، ولا يجب أن تتأخر أكثر من ذلك،فالأمر جدُ خطير،وعواقب الإهمال فيه لا يعلم مداها إلا الله .إن مشروعات التنمية في سيناء يجب أن تنطلق بشكل عام علي أساس التسليم بأن البداوة هناك هي أسلوبٌ للحياة، ونمطٌ للإنتاج ، وسكان الصحراء هم أساس التنمية وليسوا مجرد مستفيدين منها، ومن ثم هناك ضرورة لمشاركتهم في رسم خطط المشروعات ، كلما كان ذلك ممكناً .
هناك مشروعات كبري بدأت، ولكنها تعثرت لأسباب مختلفة ، مثل مشروع ترعة السلام الذي يهدف لإقامة مجتمع زراعي باستصلاح واستزراع 620 ألف فدان، منها 220 ألف فدان غرب قناة السويس و400 ألف فدان شرق القناة بسيناء، ومن المشروعات التي تعثرت أيضا مشروع فحم المغارة، وما زالت ثروات سيناء العظيمة لم تستغل بعد، كما يمكن الاستفادة من الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح في توليد الكهرباء.
لقد تحدثنا كثيراً، ومنذ سنوات عدة، وأكدنا حتمية تنمية سيناء، لأن هذه الأرض إن لم تشغل بنا فسوف تشغل بغيرنا، وأن الفراغ يغري بالعدوان وقلنا: إن التنمية والعمران المكثف علي حدودنا هما البديل الأمثل وخط الدفاع المباشر عن ترابنا الوطني، وهما الترباس الحقيقي علي بوابة مصر الشرقية، وأن الأمن بمفهومه الواسع يتضمن أبعاداً مختلفة ، فمن ناحية ليس من المتصور أن يتم ترك مساحة واسعة من أرضٍ مصر بلا تنمية، خاصة وأنها تحوي ثروات لا محدودة. فتنمية سيناء سوف تسهم في دعم الاقتصاد القومي لمصر، وبالتالي دعم الأمن القومي المصري.
من ناحية أخري فإن تلك التنمية تسهم في تعميق انتماء أبناء سيناء للوطن .فالعوامل الأمنية يجب أن تفسح الطريق الواعي للتنمية ، والمهم أن نُحدث التوازن الدقيق بين التنمية والأمن .ونقول في هذا السياق، يجب الارتكاز علي مجموعة من الآليات والوسائل لتحقيق أهداف التنمية الصناعية في سيناء ، ملخصها ما يلي : التنفيذ المبكر لمشروعات البنية الأساسية. وتحقيق الربط بين سيناء وبقية أقاليم الجمهورية. وتبني مفهوم المشروعات العملاقة كمد ترعة السلام إلي العريش ومشروع وادي التكنولوجيا. وتطوير المناطق الصناعية وتجهيزها بالخدمات والمرافق . والاستغلال الاقتصادي الأمثل للموارد الطبيعية. ودعم القدرة التصديرية .
كما تحدثنا عن محاور السياسة الصناعية المقترحة لتنمية سيناء ، ولخصناها في : الحفاظ علي التوازن بين متطلبات التنمية ومتطلبات البعد الأمني القومي . الاستغلال الأمثل للثروات الطبيعية والبشرية وتنميتها. وإقامة المشروعات ذات المزايا التنافسية. ورفع الكفاءة الإنتاجية للمشروعات الحالية الواعدة تصديرياً وتأهيلها للمنافسة العالمية. واستكمال تأهيل المناطق الصناعية القائمة بعناصر البنية الأساسية عالية الجودة. ووضع برنامج لتنمية ودعم المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر .
علاوة علي التخطيط الدقيق لتحقيق الجذب السكاني وإعادة التوطين . وتوجيه الإعلام نحو التنمية الشاملة بسيناء . وتشكيل أمانة فنية تتبع رئيس مجلس الوزراء، وتضم خبراء وممثلين عن الوزارات والمحافظات المعنية، تكون لها كل الصلاحيات ،في اختيار وتنفيذ المشروعات، وتأكيد أهمية التنمية البشرية، لمواكبة متطلبات المرحلة في سيناء. وقد تقدم الاتحاد المصري لجمعيات المستثمرين كثيراً بالعديد من المقترحات التي تتضمن تصورات المستثمرين لتنمية سيناء وتحقيق الجذب السكاني فيها وتوفير فرص العمل لأبنائها في مناطقها الثلاث الشمال والوسط والجنوب . من هذه المقترحات، إنشاء صندوق قومي لتنمية سيناء برأسمال مناسب يمول تراكمياً من عوائد البترول حيث تنتج سيناء ما يزيد علي 5% من إجمالي البترول في مصر ،كما يتم تمويله من مصادر أخري،والتوسع في إقامة المشروعات الكبري المستخدمة للثروات الطبيعية وفي مقدمتها مشروعات الأسمنت والزجاج والسبائك الحديدية والأسمدة والطوب والرخام,والتحفيز علي إقامة المشروعات الضخمة المستخدمة للغاز الطبيعي كبداية حقيقية للتوسع في صناعة البتروكيماويات في مصر.
كما شملت مقترحات المستثمرين سرعة استكمال البنية الأساسية بالمناطق الصناعية وتوصيل المرافق مع إنشاء شبكة طرق فرعية لربط التجمعات الصناعية بالمحاور الرئيسية، وتطوير ميناء العريش البحري وتفعيل واستكمال خط السكك الحديدية من بئر العبد وحتي رفح بطول 125 كيلومتراً، وقد تضمنت المقترحات أيضا منح محافظات مصر مساحات متساوية من الأراضي في سيناء لتقوم كل محافظة، بإقامة مجموعة من المشروعات.
إنها سيناء الشرف والكرامة، هذا صوتنا، وهذه نداءاتنا، إنه صوت المحب لهذا الوطن، ونداء الصانع، الذي أحال هذا الحب إلي صناعة وتصدير وفرصٍ للعمل.
دائماً الأعمال أعلي صوتاً من الكلمات، فكفانا بكاءً وعويلاً علي اللبن المسكوب، وليتوقف الكلام بلا جدوي، ولتبدأ فوراً إرادة التنمية الحقيقية علي أرض سيناء، وأيدينا في أيديكم، لن نبخل بجهد، ولا مالٍ ولا نصيحة.. هذا صوتنا، وهذه نداءاتنا، فهل من مجيب.